الدرس 99 : الأدلة على أن DNA هو المادة الوراثية - أولاً : التحول البكتيرى

>

كانت الدراسة على البكتيريا ولاقماتها هى بداية معرفة الكثير عن الـ DNA بالرغم من أنهما أبسط من نبات البازلاء وذبابة الفاكهة والبشر .

أولاً : التحول البكتيرى .

 ( نقل قابلية القتل بين سلالات البكتيريا المسببة للإلتهاب الرئوى للفئران )

مفهوم التحول البكتيرى :

هو تحول إحدى سلالات البكتيريا إلى سلالة أخرى مختلفة وراثياً .
أو هو تحول فى الصفات الوراثية لسلالة من البكتيريا الغير مميتة ( R  ) لتكتسب الصفات الوراثية لسلالة أخرى من البكتيريا المميتة ( S ) , نتيجة لإنتقال المادة الوراثية من سلالة S إلى سلالة  R .

♧ تجربة العالم جريفث ( ظابطاً و طبيباً بريطانى ) سنة 1928 م:

التجربة هى دليل  تمهيدى لم يؤدى إلى نتيجة قاطعة بأن الـ DNA هو مادة الوراثة

فى القرن العشرين تفشى مرض إلتهاب الرئة فى لندن , وكان جريفث من الباحثين عن كيفية تسبب بكتيريا الإلتهاب الرئوى لذلك المرض محاولاً إكتشاف علاج أو لقاح مناسب لذلك ولم يكن يفكر فى إكتشاف المادة الوراثية لتلك البكتيريا .

درس جريفث تأثير سلالتين من البكتيريا المسببة للإلتهاب الرئوى على الفئران :

سلالة مميتة S :

ناعمة الملمس تكون مستعمرات ملساء فى أطباق الإستنبات .

محاطة بمحفظة من عديدات التسكر تحميها من جهاز المناعة .

عند حقن الفئران بها :

تسبب إلتهاب رئوى حاد وموت للفئران .

سلالة غير مميتة ولكن ممرضة  R   :

- خشنة  الملمس حيث تكون مستعمرات خشنة فى أطباق الإستنبات.

- غير محاطة بمحفظة ويسهل بلعمتها بكريات الدم البيضاء .

عند حقن الفئران بها :

تسبب إصابة الفئران بالإلتهاب الرئوى الحاد ولكن لايصل لدرجة الموت فلا تسبب موتها .

حقن جريفث الفئران بالبكتيريا ولاحظَ ما يلى :

( أ ) عند حقن مجموعة من الفئران بسلالة البكتيريا المميتة (S  ) :

تم إصابة الفئران بالإلتهاب الرئوى الحاد ثم ماتت .

( ب ) عند حقن مجموعة أخرى من الفئران بسلالة البكتيريا الممرضة  (R  ) :

تم إصابة الفئران بالإلتهاب الرئوى الحاد ولكن بقت على قيد الحياة ( مرضت دون أن تموت )  .

( جـ ) عند حقن مجموعة ثالثة من الفئران بسلالة البكتيريا (S  ) المميتة سبق قتلها بالحرارة ( مميتة ميتة ):

لم تمت الفئران  , لأن الحرارة سببت تلف المحفظة التى تحميها من الجهاز المناعى للفأر .

( د ) عند حقن المجموعة الأخيرة  من الفئران بمزيج من سلالة البكتيريا (S  ) المميتة سبق قتلها بالحرارة ( ميتة )  + بكتيريا السلالة ( R ) المُمرضة ( حية ) :

كانت النتيجة غير متوقعة حيث ماتت بعض الفئران ومرض البعض الآخر, وعند فحص الرئات بجثث الفئران الميتة وجد بها سلالة البكتيريا المميتة ( S ) حية مع أن البكتيريا المميتة لم تكن حية ( لأنها R أصلاً )

إذن : البكتيريا ( R ) تحولت لبكتيريا (S  ) وأصبحت مميتة .

التفسير غير المنطقى :

أن البكتيريا R عادت إلى الحياة وذلك مستحيل .

التفسير المنطقى لجريفث ( إنتقال الصفة الوراثية المميتة بين البكتيريا ) :

هو أن مادة ما إكتفى بتسميتها مادة التحول البكتيرى خاصة بسلالة البكتيريا ( S ) المميتة التى قُتلت بالحرارة ( تبين بعد ذلك أنها المادة الوراثية DNA ) إنتقلت إلى داخل سلالة البكتيريا الحية (  R) الغير مميتة فحولتها إلى السلالة  ( S ) وأصبحت مميتة بشكل دائم , وتم توريث هذه الصفة الإمراضية الجديدة إلى كل الأجيال المنحدرة من تلك البكتيريا المتحولة .

(S  ) ميت + ( R ) حى -----< ( S ) حى

بمعنى آخر :

العامل الوراثى ( الجين ) المسبب لمرض الإلتهاب الرئوى إنتقل من S إلى R .

 وأطلق على هذه الظاهرة إسم التحول البكتيرى  .

لكنه لم يفسر :

 ♢ كيف إنتقلت المادة الوراثية من السلالة S إلى السلالة R  ؟

 ♢ لم يتمكن من عزل تلك المادة التى أحدثت التحول البكتيرى وبالتالى لم يحللها ليعرف تركيبها وليحدد طبيعتها , بمعنى أن هوية تلك المادة الموروثة حتى الآن غير معروفة .

ملاحظات :

♦ نجا الـ DNA للسلالة S  من التسخين ولم يتأثر بالحرارة لأنه يستطيع تحمل حرارة تصل إلى 90 درجة مئوية على عكس البروتينات الداخلة فى تكوين الصبغى والتى لاتتحمل الحرارة فوق 60 درجة مئوية ثم تبدأ فى التأثر ويتغير شكلها وكان ذلك سبباً فى تقطيع الصبغى لتلك البكتيريا .

♦ عندما خلطت البكتيريا S بالبكتيريا R دخلت قطع من DNA البكتيريا S واندمجت مع DNA للبكتيريا R  فاكتسبت خصائصها وانتقلت الخصائص إلى الأبناء وكان من تلك الخصائص وجود الجينات التي تكون كبسولة أو محفظة عديد التسكرالواقية .

♦ عديد التسكر الذى تتكون منه محفظة السلالة S   عبارة عن بوليمر يتكون من وحدات من السكر الأحادى تسمى مونيمر .

♦ بكتيريا S وبكتيريا R من أوليات النواة التى يكون فيها الـ DNA مفصول عن البروتين وغير مكثف به ( كل واحد لوحده ) .

♦ تجارب التحول البكتيرى كانت ستفشل لو أجريت على حقيقيات النواة لأن الكروموسوم كان سينتقل بما عليه من بروتين و DNA فمن الصعب وقتها تحديد أيهما قد تسبب فى تحول البكتيريا .

♧ تجربة العالم إفرى ( باحث وعالم بكتيريا أمريكى ) وزملاؤه ( مكارتى وماكلويد ) :

" كان من المنطقى أن أول خطوة بعد إكتشاف مادة التحول البكتيرى محاولة العلماء لعزل تلك المادة والتعرف عليها كيميائياً , فقرر إفرى وزملاؤه عام 1944 م أن يجروا تجربة لكى يعرفوا طبيعة المادة التى سببت تحول البكتيريا غير المميتة لبكتيريا مميتة فى تجارب جريفث, هل هى بروتين أو دهون أو DNA أو RNA  أو ..... وبذلك نجحوا فيما فشل فيه جريفث فى عزل مادة التحول " .

الخطوات :

♦ عزلوا جزئيات كبيرة مختلفة من البكتيريا المميتة ( S ) المقتولة بالحرارة وعرضوا البكتيريا ( R ) لهذه الجزيئات بشكل منفصل وكل على حدة فى محاولة لتحويل سلالة البكتيريا R غير المميتة إلى سلالة البكتيريا S المميتة , لاحظوا أنه فى حالة واحدة تتحول البكتيريا R  إلى البكتيريا S  .

♦ وبذلك تمكن العالم إفرى ومعاونوه من التعرف على وعزل مادة التحول البكتيرى ( المادة الوراثية النشطة التى تسببت فى تحول سلالة البكتيريا غير المميتة (R) إلى سلالة البكتيريا المميتة ( S ) ) ثم قاموا بتحليلها .

المشاهدة :

وجدوا أن : مادة التحول البكتيرى تتكون من الـ DNA  بعد أن كان يعتقد أنها عبارة عن مركب بروتينى ولكن لم يثبت أن أياً من البروتينات التى عزلت من البكتيريا S أدت للتحول البكتيرى .

الإستنتاج والتفسير العام للتحول البكتيرى :

فى عام 1944 أعلن إفرى وزميلاه أن العامل المُحوِلْ ( مادة الوراثة ) هو الـ DNA التى إنتقلت من السلالة البكتيرية المميتة (S  ) التى كانت ميتة إلى السلالة البكتيرية غير المميتة ( R ) الحية حيث إمتصتها السلالة R بطريقة غير معروفة واندمجت مع الـ DNA الخاص بها فاكتسب البكتيريا R خصائص البكتيريا S وهذه الخصائص الجديدة إنتقلت إلى الأبناء ( أى أنها طفرة صبغية حقيقية تُورث بمعنى أن كل البكتيريا التى ستنتج من تلك البكتيريا بالتكاثر ستكون مميتة أيضاً ) .

الإعتراض على أن DNA هو المادة الوراثية ( النقد الموجه إلى إفرى وملاؤه ) :

DNA الذى سبّب التحول البكتيرى : لم يكن نقى تماماً , لأنه كان يحمل كمية من البروتين ( مختلط به ومجاور له أو مرافق له فى  الخلية ولكن ليس مرتبط أو معقد به ) ويُحتمل أن تلك الكمية من البروتين  هى التى تسببت فى إحداث التحول البكتيرى ولذلك لم تحظ نتائج إفرى بقبول واسع فى البداية .

♧ التجربة الحاسمة :

(  قام بها زملاء إفرى لإثبات أن DNA هو المادة الوراثية عن طريق التعديل فى التجربة الرابعة من تجارب جريفث ) .

الخطوات :

تم عزل مادة التحول البكتيرى النشطة المنتقلة ( DNA + البروتينات ) من داخل بكتيريا s الميتة بالحرارة وتم معاملتها كما يلى :

♦ إضافة إنزيمات محللة للبروتينات على تلك المادة ثم إعادة حقنها ونقلها لفأر سليم  ومعها بكتيريا R الحية غير المميتة :

فلاحظوا موت الفأر مما يدل على تحول بكتيريا R إلى بكتيريا S , إذن تلك المادة لم تتأثر بتلك الإنزيمات  – إذن تلك المادة ليست بروتين .

ملحوظة :

إنزيم الببسين يحول البروتين إلى سلاسل ببتيدية , وإنزيم الببتيديز يحول السلاسل الببتيدية إلى أحماض أمينية .

♦ إضافة إنزيمات محللة للدهون على تلك المادة ثم إعادة حقنها ونقلها لفأر سليم  ومعها بكتيريا R الحية غير المميتة :

فلاحظوا موت الفأر مما يدل على تحول بكتيريا R إلى بكتيريا S , إذن تلك المادة لم تتأثر بالإنزيمات – إذن تلك المادة ليست بدهون .

♦ إضافة إنزيمات محللة لـRNA  على تلك المادة ثم إعادة حقنها ونقلها لفأر سليم  ومعها بكتيريا R الحية غير المميتة :

فلاحظوا موت الفأر مما يدل على تحول بكتيريا R إلى بكتيريا S ، إذن تلك المادة لم تتأثر بالإنزيمات – إذن تلك المادة ليست بـ RNA .

♦ إضافة إنزيم دى أكسى ريبونيوكليز المحلل لـ DNA على تلك المادة ثم إعادة حقنها ونقلها لفأر سليم  ومعها بكتيريا R الحية غير المميتة وبذلك يكون قد تم نقل تلك المادة بعد المعاملة بالإنزيم إلى سلالة البكتيريا غير المميتة ( R ) .

فلاحظوا بقاء الفأر حياً , إذن تلك المادة تحللت وتكسرت و تأثرت بهذا الإنزيم ولم تتحول السلالة غير المميتة ( R ) إلى سلالة البكتيريا المميتة ( S ) ( أى توقفَ التحول البكتيرى ) إذن تلك المادة التى تسبب التحول البكتيرى  هى DNA .

إنزيم  دى أكسى ريبونيوكليز Deoxy ribonuclease :

إنزيم تم إكتشافه يعمل على تحليل DNA تحليلاً كاملاً بمعنى يفصله إلى نيوكليوتيدات مفردة ( وحداته الأساسية ) ولايؤثر هذا الإنزيم على البروتينات أو RNA .

التفسير :

يرجع ذلك إلى غياب وإفتقار السلالة S لمادة الـ DNA التى تحللت وتفككت بفعل الإنزيم .

الإستنتاج :

DNA   هو مادة الوراثة ( المادة الوراثية ) وليس البروتين , بمعنى أن DNA للخلية البكتيرية S قادر على تحويل السلالة R إلى السلالة S  حتى لو إفتقرت تلك الخلية S إلى RNA والبروتين .

• شارك هذه المقالة